المبحث السّابع : في الفعل المتعدّي [إلى مفعول]
مثل : والله لا آكل ، أو إن أكلت فأنت حرّ ، لا بدّ له من مفعول.
وقد اختلفوا : فذهبت الأشاعرة ، والإماميّة إلى تعلّقه بمفعول عامّ يعمّ جميع المأكولات ، وبه قال أبو يوسف. (١)
وقال أبو حنيفة : إنّه لا يعمّ الجميع.
وتظهر الفائدة في أنّه لو نوى مأكولا معيّنا قبل عند الأشاعرة ، والإماميّة ، حتّى أنّه لا يحنث بأكل غيره ، لأنّ اللّفظ عامّ يقبل التخصيص ببعض مدلولاته.
وقال أبو حنيفة : لا يقبل التّخصيص ، لأنّ التخصيص من توابع العموم ، ولا عموم هنا.
حجّة القائلين بالتعميم ، أمّا في النفي ، كما في قوله : والله لا أكلت ، أنّ الفعل فيه لا بدّ له من مفعول ، ويتعدّى إليه بصيغته ووضعه ، فإذا قال : «لا أكلت» فقد نفى حقيقة الأكل من حيث هو أكل ، ويلزم منه نفيه بالنسبة إلى كلّ مأكول ،
__________________
(١) هو يعقوب بن إبراهيم بن حبيب ، صاحب أبي حنيفة وتلميذه ، أوّل من نشر مذهبه ، واستقلّ برئاسة أصحاب أبي حنيفة بعد وفاة أبي حنيفة ، وهو أوّل من وضع الكتب في أصول الفقه على مذهب أبي حنيفة ، مات سنة ١٨٢ ه. لاحظ الأعلام للزركلي : ٨ / ١٩٣ ؛ وطبقات الفقهاء : ٢ / ٦٤٠ برقم ٧٢٩.