إذا عرفت هذا ، فالاستثناء على قول القاضي ليس بتخصيص إن لم يرد بعشرة عشرة ، وعلى المذهب المشهور هو تخصيص وعلى ما قلناه محتمل.
المسألة الثانية : في المخالفة (١) بين المستثنى والمستثنى منه
اعلم أنّ حكم الذهن بشيء على آخر ، إمّا أن يكون بالإيجاب أو بالسّلب ، وكذا الطّلب إمّا أن يكون للوجود فيكون أمرا ، أو للعدم فيكون نهيا ، إذا عرفت هذا ، وقد عرفت أنّ الاستثناء إخراج بعض ما تناوله الخطاب عن الإرادة ، فيجب قطعا المخالفة بين المستثنى والمستثنى منه ، فإن كان الاستثناء من الإثبات افاد النفي إجماعا ، وإن كان من النّفي ، فالأكثر على أنّه يفيد الإثبات.
وخالف أبو حنيفة في ذلك.
لنا وجوه :
الأوّل : النقل عن أئمّة اللّغة.
الثاني : لو لم يكن الاستثناء من النفي إثباتا ، لم يكن قولنا : «لا إله إلّا الله» توحيدا ، إذ يقتضي نفي الإلهيّة عن غيره ، دون ثبوت الإلهيّة له تعالى ، ولو لم يكن كذلك لم يتمّ به الإسلام ، وهو بالإجماع باطل ، فإنّ الإسلام يتمّ بمجرّد ذلك.
الثالث : إذا قال : «لا عالم في البلد إلّا زيد» يبادر إلى الذهن ثبوت العلم له ،
__________________
(١) في «ج» : في التخالف.