المسألة الثالثة : في الاستثناء المتعدّد
الاستثناء إذا تعدّد ، فإمّا أن يقترن بحرف العطف ، أو يتجرّد عنه.
فالأوّل ، يرجع الكلّ فيه إلى المستثنى منه ، مثل : «له عندي عشرة ، إلّا أربعة وإلّا ثلاثة» لامتناع عوده إلى الأوّل فإنّ المستثنى لا يعطف على المستثنى منه ، ولا إلى المجموع ، وإلّا لزم التناقض.
وأمّا الثاني ، فالاستثناء الثاني فيه إمّا أن يزيد على الأوّل ، أو يساويه ، أو ينقص عنه.
فإن كان الأوّل ، رجعا معا إلى المستثنى منه أيضا ، مثل : «له عشرة إلّا أربعة إلّا خمسة» لامتناع عوده إلى الأوّل ، لزيادته عليه ، وقد بيّنا امتناع المستوعب ، فكيف الأزيد ، ولا إليهما للتناقض.
وإن ساواه فكذلك ، مع احتمال التأكيد هنا.
وإن قصر عنه ، رجع إلى الأوّل ، لامتناع عوده إلى المستثنى منه لبعده ، والقريب إذا لم يكن أولى من البعيد ، فلا أقلّ من المساواة.
ولا إليهما ، فإنّ المستثنى منه مع الاستثناء الأوّل ، لا بدّ وأن يكون أحدهما نفيا ، والآخر إثباتا ، فالاستثناء الثاني لو عاد إليهما معا ، وقد عرفت أنّ الاستثناء من الإثبات نفي ، ومن النّفي إثبات ، فيكون الاستثناء الثاني قد نفى عن أحد الأمرين السابقين عليه [عين] ما أثبته الآخر ، فينجبر النقصان بالزّيادة ، فيبقى ما كان حاصلا قبل الاستثناء ، فيصير الاستثناء الثاني لغوا.