ولأنّه يلزم التناقض ، لأنّ الاستثناء الثاني لو رجع إلى استثناء الأوّل والمستثنى منه معا ، كان نفيا باعتبار المستثنى منه ، وإثباتا باعتبار الاستثناء.
لا يقال : إنّما بيّنا في النفي والإثبات لو اتّحد المتعلق والوجه ، أمّا مع التعدّد فلا.
لأنّا نقول : المتعلّق هنا واحد ، لأنّه إذا قال : له عليّ عشرة إلّا ثلاثة إلّا واحدا ، فالثاني لمّا رجع إلى المستثنى منه ، أخرج رابعا ولمّا رجع إلى الاستثناء الأوّل ، أثبت ذلك الدّرهم ، فيكون ذلك الاستثناء نفيا وإثباتا من المستثنى منه.
وإذا امتنع عود الاستثناء الثاني إليهما ، وقد بيّنا عدم عوده إلى المستثنى منه ، وجب عوده إلى الأوّل ، لامتناع عدم عوده إلى شيء.
المسألة الرابعة : في الاستثناء عقيب الجمل المتعدّدة
اعلم أنّ الاستثناء إذا تعقّب جملا متعدّدة ، وصحّ عوده إلى كلّ واحدة منها ، هل يرجع إلى الجميع أو الى ما يليه؟
قال الشافعي وأصحابه بالأوّل. (١)
وقال أبو حنيفة وأصحابه بالثاني. (٢)
وجوّز السيّد المرتضى كلّ واحد من القولين للاشتراك. (٣)
__________________
(١) نقله عنه أبو الحسين المعتزلي في المعتمد : ١ / ٢٤٥.
(٢) نقله عنه الآمدي في الإحكام : ٢ / ٤٠٠ ، والرازي في محصوله : ١ / ٤١٣.
(٣) الذريعة إلى أصول الشريعة : ١ / ٢٤٩ ـ ٢٥٠.