المبحث الثالث : في التقييد بالغاية
غاية الشيء طرفه ، ونهايته.
وألفاظها «حتّى» و «إلى» كقوله تعالى : (حَتَّى يَطْهُرْنَ)(١)(وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ)(٢) ولا بدّ وأن يكون الحكم فيما بعدها مخالفا لما قبلها ، إذ لو بقي الحكم ثابتا فيما وراء الغاية لم تكن الغاية غاية وطرفا ، بل كانت وسطا.
وقيل : الغاية إن انفصلت عن ذي الغاية بمفصّل معلوم ك (أَتِمُّوا الصِّيامَ إِلَى اللَّيْلِ)(٣) وجب أن يكون حكم ما بعدها بخلاف ما قبلها للعلم حسّا بانفصال أحدهما عن الآخر.
وإن لم يكن كذلك ، مثل (إِلَى الْمَرافِقِ) والمرفق غير منفصل عن اليد بمفصل محسوس ، لم يجب فيه المخالفة ، فإنّه لمّا كان المرفق غير منفصل عن اليد بمفصل محسوس ، لم يكن تعيين بعض المواضع في اليد أولى ، فهاهنا يجوز أن يكون ما بعدها داخلا فيما قبلها.
واعلم أنّ الحكم الواحد قد يكون له غايتان ، كما لو قيل : «لا تقربوهنّ حتّى يطهرن و [حتّى] يغسلن» ، وفي الحقيقة ، الغاية هنا الأخيرة ، وعبّر عن الأوّل بالغاية ، لقربه منها (٤).
__________________
(١) البقرة : ٢٢٢.
(٢) المائدة : ٦.
(٣) البقرة : ١٧٨.
(٤) الاستدلال للرازي في محصوله : ١ / ٤٢٦.