المبحث الثالث : في تخصيص السنّة المتواترة بمثلها
ذهب الأكثر إلى جوازه ، لأنّ العامّ والخاصّ إذا تعارضا ، لم يمكن العمل بهما من كلّ وجه ، ولا تركهما من كلّ وجه ، ولا العمل بالعامّ في كلّ الصّور ، وإهمال الخاصّ ، لما تقدّم ، فلم يبق إلّا العمل بالخاصّ في مورده ، وبالعامّ في غير صورة التخصيص ، جمعا بين الدليلين.
وأيضا ، قال صلىاللهعليهوآلهوسلم : «فيما سقت السماء العشر» (١) وهو عامّ في النّصاب وغيره.
وقال : «لا زكاة فيما دون خمسة أوسق» (٢) وهو مخصّص لذلك العموم.
احتجّوا بقوله تعالى : (لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ ما نُزِّلَ إِلَيْهِمْ)(٣) جعله منصوبا لتبيين الأحكام ، فلا يجوز افتقار سنّته إلى بيان.
والجواب : هذا لا يمنع من كونه مبيّنا لما ورد على لسانه صلىاللهعليهوآلهوسلم من السنّة.
__________________
(١) أخرجه الترمذي في سننه : ٣ / ٣٢ برقم ٦٤٠ ؛ وابن ماجة في سننه : ١ / ٥٨١ برقم ١٨١٧ ؛ وأبو داود في سننه : ٢ / ١٠٨ برقم ١٥٩٦.
(٢) أخرجه البخاري في صحيحه ، كتاب الزكاة برقم ١٤٤٧ و ١٤٥٩ ؛ والترمذي في سننه : ٣ / ٢٢ برقم ٦٢٦ ـ ٦٢٧ ؛ وأبو داود في سننه : ٢ / ٩٤ برقم ١٥٥٨ ـ ١٥٥٩.
(٣) النحل : ٤٤.