المبحث الخامس : في تخصيص الكتاب والسنّة المتواترة بالإجماع
لا خلاف في ذلك ، لما تقدّم من أنّ الدّليلين إذا تعارضا ، وجب العمل بهما بقدر الإمكان.
ولأنّه واقع ، فإنّهم خصّصوا آية الإرث بالإجماع على أنّ العبد لا يرث ، وخصصوا آية الجلد بالإجماع على أنّ العبد كالأمة في تنصيف الجلد.
وأمّا العكس ، وهو تخصيص الإجماع بالكتاب أو بالسنّة المتواترة ، فإنّه باطل بالإجماع ، لأنّ الإجماع على الحكم العامّ (١) مع سبق المخصّص خطأ ، والإجماع لا يقع خطأ.
واعلم انّ التحقيق هنا أن نقول : إنّ الإجماع نفسه لا يقع مخصّصا للقرآن ولا للسّنّة ، بل هو كاشف على أنّه قد حصل مخصّص لذلك العامّ ، لأنّا إذا رأينا أهل الإجماع قاضين بما يخالف العموم في بعض الصّور ، علمنا أنّهم إنّما قضوا بذلك ، لدليل وقفوا عليه ، وإلّا لكان الإجماع خطأ ، وهو باطل.
وكذا إذا قلنا : الإجماع ناسخ ، فإنّه كاشف عن وجود النّاسخ ، لا أنّه ناسخ بنفسه. (٢)
__________________
(١) في «أ» : لأنّ الإجماع على ما يحكم العامّ.
(٢) لأحد وجهين : إمّا لأنّ النّسخ لا يكون بغير خطاب الشارع ، والإجماع ليس خطابا للشرع ، وإمّا لأن الإجماع بما هو هو عندنا ليس بحجّة ، وإنّما يوصف بها بما أنّه كاشف عن قول المعصوم عليهالسلام والوجه الأوّل يناسب مسلك السّنة ، والثاني ، مسلك الشيعة الإمامية.