المبحث الخامس : في التخصيص بذكر الأخصّ
ذهب المحققون إلى أنّ العامّ لا يجوز تخصيصه بذكر بعضه ، كقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «أيّما إهاب دبغ فقد طهر» (١) لا يخصّ بقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم في جلد شاة ميمونة : «دباغها طهورها» (٢) ، لأنّ المخصّص للعامّ يجب أن يكون بينه وبين العامّ منافاة ، لاقتضاء العامّ اندراج ذلك المخصوص في حكمه ، واقتضاء الخاصّ إخراجه عنه ، ولا منافاة بين الكلّ والجزء ، لاحتياج الكلّ إلى الجزء ، ولا منافاة بين المحتاج والمحتاج إليه.
وقال أبو ثور (٣) : العموم إذا علّق حكما على أشياء ، وورد لفظ يفيد تعليق ذلك الحكم على بعضها ، وجب انتفاء الحكم عمّا عدا ذلك البعض ، كما في الخبرين ، لأنّ تخصيص الشيء بالذكر يدلّ على نفي الحكم عمّا عداه ، فتخصيص الخاصّ بالذّكر يدلّ على نفي الحكم عن غيره ، وذلك يقتضي تخصيص العامّ.
والجواب : أنّ المفهوم ضعيف وبالخصوص مفهوم اللّقب ، فإنّا قد بيّنا أنّه ليس حجّة.
__________________
(١) صحيح الترمذي : ٤ / ٢٢١ برقم ١٧٢٨ ، كتاب اللباس ، ومسند أحمد بن حنبل : ١ / ٢١٩.
(٢) صحيح مسلم ، كتاب الحيض ، باب طهارة جلود الميتة بالدباغ برقم ٦٩٢ ـ ٧٠١. ولاحظ عوالي اللآلي : ١ / ٤٢.
(٣) تقدّمت ترجمته ص ٢٢٣.