المبحث الخامس عشر : في أنّ قوله تعالى : (خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً)(١) هل هو للعموم أم لا؟
ذهب الأكثر إلى عموم هذا ، وأنّه يقتضي أخذ الصدقة من كلّ نوع من أنواع مال كلّ مالك.
وخالف فيه الكرخي (٢) وقصره على أخذ صدقة واحدة من نوع واحد.
احتجّ الأوّلون : بأنّ «أموالا» جمع أضيف إلى مثله ، فيفيد العموم ، لما تقدّم ، فيصير التقدير : «خذ من كلّ نوع من أموالهم صدقة» فتتعدّد الصّدقة بتعدّد الأموال.
قال الكرخي : «صدقة» نكرة مضافة إلى جملة الأموال ، فإذا أخذ من نوع واحد من المال صدقة ، صدق قوله : (خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً) لأنّ المال الواحد جزء من جملة الأموال ، فإذا أخذت الصّدقة من جزء المال ، صدق أخذها من المال ، ولهذا وقع الإجماع على أنّ كلّ درهم ودينار موصوف بأنّه مال ، ولا يجب أخذ الصدقة منه ، والأصل أن يكون ذلك لعدم دلالة اللّفظ عليه لا للمعارض. (٣)
__________________
(١) التوبة : ١٠٣.
(٢) تقدّمت ترجمته في الجزء الأوّل : ٢١٩.
(٣) الاستدلال للآمدي في الإحكام : ٢ / ٣٨٤.