المبحث الثاني :
في حكم الجمع بينهما
كلّما تقدّم في باب تخصيص العموم من المتّفق عليه ، والمختلف فيه ، والمزيّف ، والمختار ، فإنّه جار في تقييد المطلق ، وإذا تعقّب التقييد جملة واحدة ، فلا خلاف في أنّه يغيّر حكمها من الإطلاق إلى التقييد.
ففي هاهنا البحث عن حكم الجمع بينهما ، فنقول : المطلق والمقيّد إذا وردا فإمّا أن يكون حكم أحدهما مخالفا لحكم الآخر ، كقوله : (آتُوا الزَّكاةَ) وأعتقوا رقبة مؤمنة ، أو أطعم طعاما من أطعمة العراق ، واكس ثوبا ، وهذا لا خلاف في أنّه لا يحمل المطلق هنا على المقيّد ، ولا يتقيّد الثوب بقيد العراق ، لإمكان الجمع بينهما من غير تناف.
ولعدم تعلّق أحدهما بالآخر ، إلّا في صورة واحدة ، وهي في مثل : أعتق رقبة ، في كفّارة الظهار ، ثمّ يقول : لا تملك رقبة كافرة ، فإنّه يقتضي تقييد الرقبة بعدم الكفر ، لكنّ القيد هنا في المطلق ضدّ القيد في المقيّد ، لامتناع الجمع بينهما.
وإمّا أن لا يكون مخالفا ، فإمّا أن يتّحد السّبب ، أو يتكثّر ، إمّا مع التماثل ، أو لا ، وعلى كلّ تقدير ، فالخطاب الوارد إمّا أمر ، أو نهي ، فالأقسام ستّة :