المبحث الثالث : في إمكان ورود المجمل في كلامه تعالى وكلام رسوله صلىاللهعليهوآلهوسلم
اتّفق المحقّقون عليه ، لأنّه قد وقع كما في الآيات المتقدّمة والأحاديث المشهورة ، والوقوع دليل الجواز.
احتجّ المانعون : بأنّ الكلام إن لم يقصد به الإفهام كان عبثا ، وهو غير لائق من الحكيم ، وإن قصد به الإفهام ، فإن قرن بالمجمل ما يبيّنه ، كان تطويلا من غير فائدة ، لأنّ التنصيص عليه أسهل وأدخل في الفصاحة من ذكر المجمل ، ثمّ يعقّبه ببيان.
ولاشتماله على المفسدة ، إذ يجوز أن يسمع المكلّف المجمل ولا يسمع بيانه ، فيختلّ المقصود به.
وإن لم يقترن به ما يدلّ عليه ، كان تكليفا بما لا يطاق ، لأنّ إرادة الإفهام مع عدم لفظ يدلّ عليه ولا قرينة تكليف بالمحال.
والجواب : إن أردت بعدم الإفهام من كلّ وجه ، فهو مسلّم ، وإن أردت من بعض الوجوه منعنا كونه عبثا ، فإنّه يجوز أن يخاطب بالمجمل ، ليعلم المكلّف أنّه قد كلّف بشيء فيشتغل للامتثال أو المنع ، فيحصل له ثواب أو عقاب.
ويمنع عدم الفائدة لو قرن به ما يبيّنه ، لجواز اشتمال ذكر المجمل ثمّ إردافه بالبيان على مصلحة لا يطّلع عليها البشر ، ومع هذا التجويز ينتفي القطع.