المبحث الرابع : في أنّ إضافة الأحكام إلى الأعيان ليس مجملا
ذهب المحقّقون من الأشاعرة والمعتزلة إلى أنّ إضافة الحكم إلى العين كقوله تعالى : (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهاتُكُمْ)(١) و (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ)(٢) لا إجمال فيه.
وقال أبو عبد الله البصري (٣) وأبو الحسن الكرخي (٤) وقوم من القدريّة : إنّه مجمل.
لنا : أنّه يسبق إلى الفهم بحسب العرف إضافة الحكم إلى الفعل المتعلّق بتلك العين المناسب له ، فيفهم من قوله تعالى : (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهاتُكُمْ) تحريم الاستمتاع ، ومن قوله : (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ) تحريم الأكل ، كما يقال : «حرّمت عليك طعامي».
ويفهم من قوله : «هذا طعام حرام» تحريم أكله ، ومن تحريم الثوب تحريم لبسه ، دون النظر واللمس ، والمبادرة دليل الحقيقة وإن كان مجازا من حيث الوضع اللّغوي إلّا أنّه حقيقة من حيث العرف ، كما يفهم الخيل عند إطلاق اسم الدابّة من حيث العرف ، ولا إجمال هنا.
__________________
(١) النساء : ٢٣.
(٢) المائدة : ٣.
(٣) تقدّمت ترجمته في الجزء الأوّل : ٢١٩.
(٤) تقدّمت ترجمته في الجزء الأوّل : ٢١٩.