المبحث الثامن : في أنّ رفع الخطأ ليس مجملا
اختلف الناس في قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «رفع عن أمّتي الخطأ والنسيان» (١) هل هو مجمل أم لا؟
فقال أبو الحسين البصري (٢) : إنّه مجمل ، لأنّ الخطأ واقع غير مرفوع ، وكذا النسيان ، وكلام النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم صادق ، فلا بدّ من نفي الحكم ، فإمّا أن يضمر نفي جميع الأحكام ، وهو باطل ، لأنّ الإضمار على خلاف الأصل ، وإنّما يصار إليه لدفع الضرورة اللّازمة من تعطيل العمل باللفظ ، فيجب الاقتصار على ما تندفع به الضرورة ، وهو بعض الأحكام.
ولأنّ من جملة الأحكام لزوم الضمان وقضاء العبادة ، وغيرها ، وليس منفيّا بالإجماع.
وإما أن يضمر البعض ، فإمّا أن يكون معيّنا ، وهو باطل ، لعدم دلالة اللفظ عليه فيبقى أن يكون غير معيّن ، وهو نفس الإجمال.
والجواب : إنّما يلزم الإضمار لو لم يكن اللّفظ ظاهرا بعرف استعمال أهل اللّغة قبل ورود الشرع في نفي المؤاخذة ، لكنّ اللّفظ ظاهر فيه ، فإنّ كلّ عاقل ، يحكم عند سماع قول السيّد لعبده : «رفعت عنك الخطأ» بأنّه رفع عنه المؤاخذة والعقاب عليه ، والتبادر دليل الحقيقة.
__________________
(١) تقدّم تخريج الحديث ص ١٨٥.
(٢) المعتمد : ١ / ٣٠١.