وإذا كان الفعل إنّما يتمّ كونه بيانا لو اقترن به ما يعلم أنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم قصد به البيان ، وكان القول مستغنيا عن ضميمة تقترن به ، لاستقلاله بنفسه في الدلالة ، كان جعل القول بيانا أولى.
ولأنّا لو قدّرنا تقدّم القول ، أمكن حمل الفعل بعده على ندبيّة الطواف الثاني ، كما تقدّم تعريفه ولو قدّرنا تقدّم الفعل يلزم منه [إمّا] إهمال دلالة القول ، أو كونه ناسخا لحكم الفعل ، أو أن يكون الفعل بيانا لوجوب الطواف في حقّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم دون أمّته ، والقول دليل على عدم وجوبه في حقّ أمّته دونه.
والإهمال والنسخ على خلاف الأصل ، والفرق بين النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم والأمّة في وجوب الطواف الثاني مرجوح بالنظر إلى ما ذكرناه من التشريك الغالب دون الافتراق.
المبحث الخامس : في أنّ البيان كالمبيّن
قال أبو الحسين : هذا الباب يشتمل على مسألتين :
إحداهما أنّ البيان هل هو كالمبيّن في القوة؟
والأخرى هل هو كالمبيّن في الحكم؟
أمّا الأولى ، فقال الكرخي (١) : إنّ بيان المعلوم معلوم ، ولا يجوز أن يكون المبيّن معلوما ، وبيانه مظنون ، ولهذا لم يقبل خبر الأوساق مع قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «فيما سقت السماء العشر» (٢).
__________________
(١) تقدّمت ترجمته في الجزء الأوّل : ٢١٩.
(٢) المعتمد : ١ / ٣١٣ ، والحديث تقدّم مع مصدره ص ٢٩٠.