المبحث السابع : في جواز تأخير التبليغ
اختلف المانعون من جواز تأخير بيان المراد من الخطاب عن وقت الخطاب ، فقال أكثرهم : يجوز تأخير تبليغ ما يوحى إلى النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم من الأحكام والعبادات إلى وقت الحاجة ومنع منه آخرون.
لنا : أنّ التبليغ تابع للمصلحة ، وجاز أن يكون في تقديمه مفسدة ، فيجب تأخيره إلى وقت الحاجة.
ولأنّه لو امتنع تأخيره فإمّا لذاته ، وهو محال ، إذ لا يلزم من فرض وقوعه محال وإمّا لغيره ، والأصل عدمه.
ولأنّه في الشاهد قد يقبح تقديم الإعلام على حضور وقت العمل ، وقد يقبح ترك التقديم ، وقد يكون بحيث يجوز الأمران ، وإذا كان كذلك ، لم يمتنع أن يعلم الله تعالى اختلاف مصلحة المكلّفين في تقديم الإعلام وفي تركه ، فلا يكون التقديم واجبا على الإطلاق.
ولأنّه لو وجب التقديم لكان إمّا عقليّا أو نقليّا والقسمان باطلان.
أمّا الأوّل : فلأنّه لو كان كذلك ، لكان له وجه وجوب يرجع إلى التّكليف ، إمّا لأنّه تمكين ، أو لأنّه لطف ، فإن كان تمكينا ، فإمّا من الفعل ، أو من فهم المراد من الخطاب ، ومعلوم أنّه لم يتقدّم خطاب مجمل يكون هذا بيانه ، ولا يقف إمكان فعل العبادة على تقديم أدائها على الوقت الّذي إذا بلغت العبادة فيه ، أمكن المكلّف أن يستدلّ بالخطاب على وجوبها ، فيفعلها في وقتها.