المبحث الثاني :
في معنى التأسّي والموافقة والمخالفة
لمّا دل الإجماع والنصّ على وجوب التأسي بالنبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم في الجملة ، وجب معرفة التأسّي ، والموافقة ، والمخالفة.
فالتأسي بالنبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، قد يكون في فعله وفي تركه ، أمّا في الفعل فبأن نفعل صورة ما فعل ، على الوجه الّذي فعل ، لأجل أنّه فعل.
وأمّا في الترك ، فبأن نترك مثل الّذي ترك ، على الوجه الّذي ترك ، لأجل أنّه ترك ، فاتّحاد الصّورة لا بدّ منه لتحقّق التأسّي معه ، فانّه لو صلّى ، وصمنا ، لم نكن متأسّين به.
وأمّا الوجه ، فهو الغرض ، والنيّة بذلك الفعل ، ولا بدّ من اتّحاده ، فكلّما هو غرض في الفعل وجب اعتباره ، ويدخل في ذلك نيّة الوجوب والندب ، فإنّه لو صام على وجه الوجوب ، وصمنا على وجه الندب ، لم يتحقّق التأسّي به ، وكذا بالعكس.
ولو انتفى الغرض المخصوص في الفعل ، لم يجب اعتباره ، فإنّه لو أزال النجاسة لا لأجل الصلاة ، لم يجب إذا تأسينا به من إزالتها أن ننوي ذلك.
وإذا عرف أنّ للمكان أو الزمان مدخلا في الغرض ، وجب اعتبارهما ،