المبحث الثالث :
في أنّ فعله صلىاللهعليهوآلهوسلم هل يدلّ على حكم في حقّنا أم لا؟
أمّا ما كان من أفعال الجبليّة ، كالقيام ، والقعود ، والأكل ، والشرب ، ونحوه ، فلا خلاف في أنّه على الإباحة بالنّسبة إليه وإلى أمّته.
وأمّا ما هو من خواصّه صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فلا يدلّ فعله على التشريك بيننا وبينه إجماعا ، كاختصاصه بوجوب الوتر ، والتهجد بالليل ، والمشاورة ، والتخيير لنسائه ، وإباحة الوصال ، والاصطفاء (١) ودخول مكة بغير إحرام ، والزيادة في النكاح على أربع ، إلى غير ذلك ممّا ثبت أنّه من خواصّه.
وأمّا ما وقع بيانا لنا ، فهو دليل إجماعا ، وذلك إمّا تصريح كقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : صلّوا كما رأيتموني اصلّي ، وخذوا عنّي مناسككم.
وإمّا بقرائن الأحوال ، كما إذا ورد لفظ مجمل ، أو عامّ أريد به الخصوص ، أو مطلق أريد منه المقيّد ، ولم يبيّنه ، قبل الحاجة إليه ، ثم فعل عند الحاجة فعلا صالحا للبيان ، فإنّه يكون بيانا لئلّا يكون مؤخّرا للبيان عن وقت الحاجة إليه ، كقطع يد السّارق بيانا لقوله تعالى : (السَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ)(٢) والبيان
__________________
(١) المراد : صفايا المغنم.
(٢) المائدة : ٣٨.