المبحث السابع :
في التعارض في أقواله وأفعاله
الفعلان لا يتعارضان ، لأنّ التعارض إنّما يتمّ مع التنافي ، وإنّما يتنافى الفعلان إذا تضادّا ، وكان محلّهما واحدا ، وكذا وقتهما ، ويستحيل وجود فعل وضدّه في وقت واحد في محلّ واحد.
فأمّا الفعلان الضدّان في وقتين ، فلا يتعارضان بأنفسهما ، لعدم تنافي وجودهما ، بل قد يتعارضان باعتبار غيرهما ، نحو أن يفعل صلىاللهعليهوآلهوسلم فعلا ، ويعلم بالدليل أنّ غيره متعبّد به ، ثمّ يراه عقيب ذلك ، قد أقرّ بعض النّاس على فعل ضدّه ، فيعلم أنّه خارج منه.
وكذا إذا علمنا أنّ ذلك الفعل يلزم النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم في مثل تلك الأوقات ما لم يرد دليل ناسخ ، ثمّ يفعل صلىاللهعليهوآلهوسلم ضدّه في مثل ذلك الوقت ، فيعلم أنّه قد نسخ عنه ، غير أنّ النسخ والتخصيص إنّما لحقا ما علمنا به لزوم ذلك الفعل له صلىاللهعليهوآلهوسلم في مستقبل الأوقات ، وأنّه يلزم غيره ، وإنّما يقال : إنّ ذلك الفعل قد لحقه النسخ ، على معنى أنّه قد زال التعبّد بمثله ، وأنّ التخصيص قد لحقه على معنى أنّ بعض المكلّفين لا يلزم مثله.
وأمّا إذا عارضه قوله ، فإمّا أن يعلم تقدّم القول أو الفعل ، أو لا يعلم تقدّم أحدهما؟ فالأقسام ثلاثة :