استدلاله على حجية القياس عن طريق العقل
إنّ الأستاذ الفاضل يستدلّ على حجّية القياس عن طريق العقل قائلا : إنّ الإمامية وبخاصة متأخّريهم يجعلون من الأدلّة الشرعية «الدليل العقلي» ، بينما هم يرفضون القياس وهو من بديهيات العقول وأوّلياتها ، يقوم على قاعدة لا ينكرها عقل ولا عاقل ، وهي «أنّ ما ثبت لشيء ثبت لمثله» ، وهذا هو العدل الّذي قامت به الأرض والسماوات وجاءت به الكتب والرسالات.
أقول : لا شكّ أنّ العقل أحد الحجج الشرعية ، وذلك في مجالات خاصة ، ممّا للعقل إليها سبيل ، ونمثل لذلك بنموذجين :
الأوّل : إذا استقل العقل بحسن فعل بما هو فعل صادر عن الفاعل المختار أو قبحه وتجرّد في قضائه عن كلّ شيء إلّا النظر إلى نفس الفعل يكون حكم العقل كاشفا عن حكم الشرع ، وهذا نظير استقلال العقل بقبح العقاب بلا بيان ، وحسنه معه ، فيستكشف منه أنّ الشرع كذلك.
الثاني : إذا أمر المولى بشيء واستقلّ العقل بوجود الملازمة بين وجوب الشيء ووجوب مقدمته أو وجوب الشيء وحرمة ضده ، أو امتناع اجتماع الأمر والنهي على شيء واحد بعنوانين ، أو جوازه إلى غير ذلك من أنواع الملازمات ، فيكشف حكم العقل عن حكم الشرع.
ففي هذين الموردين وما يشبههما يكون العقل قاطعا بالحسن والقبح أو الملازمة بين الوجوبين أو الحرمتين ، وعند ذلك نستكشف من خلال كونه