بعده ، لاستحالة انقلاب علمه ، وإذا كان ممتنع الوجود بعد ذلك ، استحال أن يقع [زواله] بمزيل ، لأنّ الواجب لذاته ، يمتنع أن يكون واجبا لغيره ، وهذه حجّة الجويني. (١)
واعترض (٢) بجواز أن يتعلّق علمه تعالى بعدم بقاء الحكم إلّا إلى ذلك الوقت ، لطريان الناسخ ، وإذا علم زواله بالناسخ ، لم يقدح في تعليل زواله بالناسخ ، كما أنّه تعالى علم بوجود العالم وقت وجوده ، فيجب وجوده ، ولا يقدح الوجوب في افتقاره إلى المؤثّر ، لأنّه علم أنّه يوجد في ذلك الوقت بذلك المؤثّر.
المبحث الرابع : في الفرق بين النسخ والبداء
البداء هو الظهور يقال : بدا لنا سور القرية : إذا ظهر بعد خفائه ، وليس الأمر والنهي عن البداء بسبيل ، لكنّهما قد يدلّان عليه ، وذلك بأن يتّحد الأمر والنهي في جميع ما يتعلّقان به ، فيكون الأمر واحدا ، وكذا المأمور به والزمان والوجه.
ولمّا كان النسخ يتضمّن الأمر بما نهي عنه ، والنّهي بما أمر به ، وحصل الوهم لبعض الناس بأنّ المصلحة والمفسدة لازمان ، لا يتعاقبان على فعل واحد ، ظنّ أنّ الأمر بعد النهي وبالعكس ، إنّما يكون لخفاء المصلحة أوّلا وظهورها ثانيا.
ولمّا خفي الفرق بين النسخ والبداء على بعض اليهود ، منعوا من النسخ ،
__________________
(١) البرهان : ٢ / ٨٤٤ ـ ٨٤٥.
(٢) المعترض هو الرّازي في محصوله : ١ / ٥٣١.