وحراثة الولد ، من حيث إنّه حراثة ، مشروع ، ومن حيث وقوعه في غير المنكوحة مكروه.
فجعل أبو حنيفة هذا قسما ثالثا ، وزعم أنّ ذلك يوجب فساد الوصف ، لا انتفاء الأصل ، لأنّه راجع إلى الوصف لا [إلى] الأصل ، فجعل الحرام هو إيقاع الصوم يوم النحر ، لا الصّوم الواقع فيه.
والشافعي ألحق هذا بكراهة الأصل ، ولم يجعله قسما آخر ، والشافعي خرج عن قاعدته في طلاق الحائض ، وتأوّل ذلك بأن صرف النّهي عن أصله ، ووصفه إلى تطويل العدّة ، أو لحوق الدّم عند الشكّ في الولد.
وأبو حنيفة خرج عن قاعدته في بطلان صلاة المحدث دون طوافه ، لأنّ الدليل دلّ على كون الطهارة شرطا في صحّة الصلاة ، لقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «لا صلاة إلّا بطهور» (١) فهو نفي الصّلاة لا نهي.
لنا : أنّه لا فرق عند أهل اللغة بين قوله : حرّمت عليك الصوم في هذا اليوم ، وبين قوله : حرّمت عليك إيقاعه فيه ، إذ لا معنى لإيقاع الصّوم في اليوم سوى فعله فيه ، فإذا كان فعله فيه محرّما ، كان ذلك مضادّا لوجوبه لا محالة.
ولو قال السيّد لعبده : أطلب منك الخياطة ، وأنهاك عن إيقاعها في وقت الزوال ، فإذا خاط وقت الزّوال ، لم يأت بالمطلوب ، فإنّ المكروه هي الخياطة وقت الزوال ، لا الوقوع في وقت الزوال ، مع بقاء الخياطة مطلوبة ، إذ ليس الوقوع في الوقت شيئا منفصلا عن الواقع.
__________________
(١) الفقيه : ١ / ٢٢ برقم ٦٧ ؛ وعوالي اللآلي : ٢ / ٢٠٩ برقم ١٣١ ، وج ٣ / ٨ برقم ١.