المقام الثاني : في أنّ النهي في المعاملات لا يدلّ على الفساد
قد عرفت أنّ الفساد في المعاملات يراد به عدم ترتّب أحكامها عليها ، فإذا قيل : هذا بيع فاسد ، كان معناه : أنّه لم يفد الملك ، وإذا قيل : طلاق فاسد ، كان معناه : أنّه لم يفد بينونة ، ولا تحريما ، وإذا قيل : نكاح فاسد ، كان معناه : أنّه لم يثمر إباحة البضع.
إذا ثبت هذا فنقول : لو دلّ النّهي على الفساد بهذا المعنى ، لدلّ إمّا بالمطابقة ، أو بالتضمّن ، أو بالالتزام ، والكلّ باطل ، فانتفت الدلالة.
أمّا انتفاء الأوّلين ، فظاهر ، إذ قوله : «لا تبع» (١) مثلا ليس موضوعا للفساد بمعنى عدم ترتّب حكم البيع عليه ، ولا هو جزؤه.
امّا انتفاء الثالث ، فلأنّ شرط هذه الدّلالة ، الملازمة الذّهنية ، وهي منتفية ، فإنّه لا يلزم من تصوّر تحريم البيع ، تصوّر عدم ترتّب حكمه عليه.
ولا استبعاد في أن يقول الشارع : نهيتك عن البيع ، وإن فعلت ، يحصل لك الملك ، كما في البيع وقت النّداء وكذا : «نهيتك عن إزالة النجاسة بالماء المغصوب ، أو عن الثوب المغصوب مع حصول الطّهارة ، ونهيتك عن الذبح بسكّين الغير ، لكن إن فعلت ، حلّت الذبيحة ، ولا تناقض.
بخلاف [قوله :] حرّمت عليك الطلاق ، وأمرتك به ، أو أبحتك إيّاه.
والوطء في الحيض يلحقه أحكام الوطء الصحيح ، من لحوق
__________________
(١) في «ب» و «ج» : إذ لفظ لا تبع.