قبول خبر الواحد في ذلك ، علمنا أنّه كان مقارنا ، وأنّه كان مخصّصا ، فهذا ممّا يتعلّق بالأصل (١) ، ويتفرع على ذلك أحكام تسعة :
الحكم الأوّل : زيادة التغريب أو زيادة عشرين على جلد ثمانين ، لا تزيل حكما شرعيّا ، بل تنفي وجوب الزيادة ، وهو معلوم بالعقل ، لأنّ إيجاب الثمانين أعمّ من إيجابها مع نفي الزائد ، ومع ثبوته ، لصدقه على كلّ أحد من التقديرين ، وما به الاشتراك لا يدلّ على ما به الامتياز نفيا ولا إثباتا ، فإيجاب الثمانين لا يدلّ على عدم الزائد ، وإنّما عرف نفي الزائد بالبراءة الأصليّة ، وهي دليل عقليّ ، ولم ينقلنا عنه دليل شرعيّ ، فالمثبت للزيادة لا يرفع حكما شرعيّا ، فلا يكون نسخا ، ويجوز إثباته بخبر الواحد والقياس ، إلّا أن يمنع مانع عن النسخ.
وأمّا كون الثمانين وحدها مجزئة أو كمال الحدّ ، أو تعليق ردّ الشهادة عليها ، فكلّ ذلك تابع لنفي وجوب الزيادة ، فلمّا كان ذلك النفي معلوما بالعقل ، جاز قبول خبر الواحد فيه ، كما أنّ الفروض الخمسة يتوقف على أدائها الخروج عن عهدة التكليف وقبول الشهادة ، فلو زيد فيها شيء آخر لتوقّف الخروج عن العهدة وقبول الشهادة على أداء ذلك ، مع جواز إثباته بخبر الواحد ، فكذا هنا.
أمّا لو قال الله تعالى : «الثمانون كمال الحدّ ، وعليها وحدها يتعلّق ردّ الشّهادة» لم يقبل في الزيادة خبر الواحد والقياس ، لأنّ نفي وجوب الزيادة
__________________
(١) في «أ» و «ب» : بالأصولي.