وأمّا التضييق بعد التخيير ، كإيجاب صوم رمضان عقيب التخيير بينه وبين الفدية ، فقال السيّد المرتضى : إنّه نسخ ، لأنّ أحد المخيّر فيه خرج عن حكمه الشرعيّ (١).
وهو جيّد وقيل : إذا خيّر بين الواجب أوّلا وغيره كان نسخا ، ولو أثبت بدلا ثالثا لما وجبا على التخيير لم يكن نسخا. (٢)
وليس بجيّد.
الحكم الخامس : الحكم بالشاهد واليمين ليس نسخا لمقتضى الآية ، أمّا أوّلا ، فلأنّ الآية دلّت على جواز الحكم بالشاهدين ، والشاهد والمرأتين ، وأنّ شهادتهما حجّة ، وليس فيه ما يدلّ على امتناع الحكم بحجّة أخرى ، إلّا بالنظر إلى المفهوم ولا حجّة فيه ، فرفعه ليس بنسخ ، فجاز بخبر الواحد.
وأمّا ثانيا ، فلأنّ قوله تعالى : (وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتانِ)(٣) خيّر بين استشهاد رجلين ، أو رجل وامرأتين ، والحكم بالشاهد واليمين زيادة في التخيير وهي ليست نسخا.
ومن قال : الحكم بالشاهد واليمين نسخ لهذه الآية ، يلزمه أن يكون الوضوء بالنّبيذ نسخا لقوله تعالى : (فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا).
وأمّا ثالثا ، فقال السيّد المرتضى : الشاهد الثاني شرط ولا يمتنع أن يقوم
__________________
(١) الذريعة إلى أصول الشريعة : ١ / ٤٤٦.
(٢) لاحظ المعتمد : ١ / ٤١٢.
(٣) البقرة : ٢٨٢.