الثاني : فعل الطاعة وترك المعصية عند عدم الإمام أشقّ منهما عند وجوده ، فيكون نصبه سببا لنقصان الثواب ، فيمتنع حسنه فضلا عن وجوبه.
سلّمنا أنّ الإمام لطف ، لكن في كلّ الأزمنة أو بعضها ، الأوّل ممنوع والثاني مسلّم ، فجاز أن يوجد قوم يستنكفون عن طاعة الغير ، ويعلم تعالى أنّه لو نصب لهم رئيسا قتلوه ، وإذا لم ينصبه امتنعوا من القبائح ، فيكون [نصبه] مفسدة حينئذ ، وهذا وإن كان نادرا لكن كلّ زمان يحتمل أن يكون ذلك النادر ، فيمتنع الجزم بوجوب نصبه في شيء من الأزمنة.
لا يقال : الاستنكاف إنّما يحصل من رئيس معيّن وكلامنا في المطلق ، ولأنّ هذه مفسدة نادرة ، والمفاسد حال عدم الإمام غالبة ، والغالب أولى بدفعه.
لأنّا نقول : قد يتّفق الاستنكاف من (١) المطلق كالمعيّن ، ثمّ إذا كان الاستنكاف قد يحصل من المعيّن فيكون نصبه مفسدة ، فإذا لم يحصل المطلق إلّا في ذلك المعيّن كما هو قولكم في تعيين الأئمة كان ذلك مفسدة أيضا ، وهذه المفسدة وإن ندرت إلّا أنّ كلّ زمان يحتمل أن يكون هو ، فلا يحصل قطع بوجوب نصبه في زمان ما.
سلّمنا كونها لطفا في جميع الأزمنة لكن جاز أن يقوم غيرها مقامها في اللطفية فلا يتعيّن للوجوب ، وبيان الاحتمال انّكم توجبون العصمة لئلّا
__________________
(١) في «أ» : في.