إمّا أن تكون لازمة للإمامة أو عارضة لها ، والقسمان باطلان.
أمّا الأوّل ، فلأنّه لو كان كذلك لقبح نصبها في وقت ما من الأوقات ، وهو باطل لقوله تعالى : (إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً)(١).
وأمّا الثاني ، فلأنّ العارض يجوز زواله فيخلو حينئذ من جهات المفاسد فيجب نصبه حينئذ ، وكلّ من أوجب نصبه في وقت ما من الأوقات على الله تعالى أوجب نصبه دائما ، ولأنّه كما يقبح منه تعالى نصب الإمام لتجويز المفسدة يقبح منه الأمر به ، وهم يقولون بوجوبه على الأمّة ، ولمّا كان الغالب على البشر الفساد والتغالب كان عدم الإمام مقتضيا لكثرته وانتشاره واستمراره ، ووجوده مقتضيا لقلّته وانقطاعه ، ثمّ يستمر الانزجار عن المفاسد والانقياد إلى الطاعات إلى أن يصير ملكة راسخة ويتمكّن في النفس إلى أن يبقى الوجوه والاعتبارات هي الغايات دون الخوف ، ونمنع كونهما (٢) أشقّ عند عدمه.
سلّمنا لكن هذا التفاوت نزولا يقتضي مفسدة ، بل فوات بعض المصلحة ، وعدم الإمام يقتضي فسادا كليا عاما ، وعدم انقياد الأمّة في بعض الأزمنة إلى قوله لا يخرج المقتضي عن مقتضاه وهو المصلحة الناشئة عن نصبه ، ووجود لطف للإمام لا يخرج الإمام عن انحصار اللطف فيه للأمّة ، إذ لو كان في وقت من الأوقات لعرف ولفعله
__________________
(١) البقرة : ١٢٤.
(٢) في «أ» : كونها.