وحمله على التقية كذلك ، لأنّا فرضنا وقوع الإجماع الصادر عن الاختيار ، وهو لازم عليهم في آحاد العلماء.
المبحث الرّابع : في حجج الجمهور على كونه حجّة
احتجّ الجمهور على كون الإجماع حجّة ، وأنّ مجموع الأمّة معصوم مع انتفاء عصمة كلّ واحد منهم ، بوجوه (١) :
[الوجه] الأوّل : حجّة الشافعي
وهي قوله تعالى : (وَمَنْ يُشاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ ما تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ)(٢) جمع بين
__________________
(١) ذكر الرازي هذه الوجوه مع اعتراضاتها والجواب عنها في «المحصول في علم أصول الفقه» : ٢ / ٨ ، المسألة الثالثة : في حجّية الإجماع ، فراجع.
(٢) النساء : ١١٥. هذه الآية احتجّ بها الشافعي لأوّل مرة على حجّية الإجماع وتبعه الآخرون عبر القرون ، ولشيخنا السبحاني بيان حول الآية أثبت بوضوح أنّ مفادها أجنبيّ عن الإجماع وحجيته. قال (دام ظله) :
أوّلا : إنّ الوقوف على مفاد الآية يتوقّف على تبيين سبيل المؤمن والكافر ، أي سبيل من يشاقق ومن لا يشاقق ، في عصر الرسول الذي تحكي الآية عنه ، فسبيل المؤمن هو الإيمان بالله وإطاعة الرسول ومناصرته ، وسبيل الآخر هو الكفر بالله ومعاداة الرسول ومشاقّته ، فالله سبحانه يندّد بالكافر ويذكر جزاءه بقوله : (نُوَلِّهِ ما تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ) ويكون جزاء المؤمن بطبع الحال خلافه.
وعلى ضوء ذلك يكون المراد من اتّباع سبيل المؤمنين هو إطاعة الرسول ومناصرته ، ومن اتّباع ـ