قلنا : جاز أن يكون لدليل إلّا أنّهم لم ينقلوه اكتفاء بالإجماع فإنّه مغن عن غيره.
الوجه الثاني : قوله تعالى : (وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً)(١).
والوسط العدل ، لأنّ وسط كلّ شيء خياره ، وقد أخبر تعالى أنّ هذه الأمّة خير فلو اتفقوا على محرّم لم يكونوا خيرا فقولهم : حق.
والاعتراض من وجوه :
الأوّل : الآية متروكة الظاهر ، لأنّ وصف الأمّة بالعدالة يقتضي اتصاف كلّ واحد بها ، وهو معلوم البطلان ، فيحمل على البعض وهو المعصوم.
الثاني : يمنع أنّ وسط كلّ شيء خياره ، لأنّ العدالة هي فعل الواجب واجتناب المحرم وهو من أفعال العبد لكن الله تعالى أخبر أنّه جعلهم وسطا فيغاير العدالة ، ولأنّ وسط حقيقة في المتوسط بين الشيئين فلو كان حقيقة في العدل لزم الاشتراك.
الثالث : الخيرية يكفي فيها اجتناب الكبائر فيصدق مع فعل الصغائر وجاز أن يكون الإجماع صغيرة.
ويؤيده انّه جعلهم عدولا ليكونوا شهداء على الناس ، والشهادة تسمع مع الصغائر.
الرابع : سلّمنا اجتنابهم عن الصغائر أيضا ، لكنّه تعالى إنّما جعلهم عدولا كذلك للشهادة على الناس وانّما يتحقّق في الآخرة فتثبت (٢)
__________________
(١) البقرة : ١٤٣.
(٢) في «أ» : فثبت.