الوجه الرابع : قوله تعالى : (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا)(١).
نهي عن التفرّق ، ومخالفة الإجماع تفرّق فيكون منهيّا عنه ، ولا معنى لكون الإجماع حجّة سوى النهي عن مخالفته.
والاعتراض من وجوه :
الأوّل : نمنع عموم النهي عن التفرق في كلّ شيء ، بل في الاعتصام بحبل الله لأنّه المفهوم ، ولهذا لو قال : «ادخلوا البلد أجمعين ولا تفرّقوا» حمل على (٢) النهي عن التفرّق في الدخول ، وما لم يعلم أنّ ما أجمع أهل العصر عليه اعتصام بحبل الله لم يكن التفرّق منهيا عنه.
الثاني : لا يجوز حمله على العموم ، لأنّ قبل الإجماع كلّ واحد من المجتهدين مأمور باتّباع اجتهاده المستند إلى ظنّه ، والظنون مختلفة فيكون التفرّق مأمورا به لا منهيا عنه.
الثالث : انّه متناول للموجودين في حال الخطاب.
والجواب عن الأوّل : انّه أمر بالاعتصام ونهي عن التفرّق مطلقا في كلّ شيء ويجب الحمل عليه ، وإلّا كان النهي عن التفرّق في الاعتصام بحبله مفيدا لما أفاده الأمر بالاعتصام ، فيكون تأكيدا والأصل التأسيس.
وفيه نظر ، لمنع عموم التفرّق.
وعن الثاني : أنّ العام حجّة بعد التخصيص ، فيبقى حجّة في امتناع التفرّق بعد الإجماع.
__________________
(١) آل عمران : ١٠٣.
(٢) ليس في «أ».