لا يقال : إنّه فصل ، ولم يفصل أحد فقد خالف الإجماع.
لأنّا نقول : عدم القول بالفصل ليس قولا بعدمه ، وإلّا لامتنع القول في واقعه يتحدد فإنّ عدم القول حينئذ يكون قولا بالعدم. (١)
البحث الثاني : في عدم الفصل بين المسألتين
إذا لم تفصل الأمّة بين مسألتين فهل لمن بعدهم الفصل بينهما؟
وتحقيقه أنّ الأمّة ان نصّوا على عدم الفصل بينهما فإنّه لا يجوز الفصل ، سواء حكموا بعدمه في كلّ شيء ، أو في بعض الأحكام.
وأقسامه ثلاثة : ان تحكم الأمّة بحكم واحد فيهما إمّا بالتحليل أو الحرمة ، أو أن يحكم البعض فيهما بالتحريم والآخر بالتحليل ، أو أن لا ينقل إلينا منهم حكم فيهما.
ففي هذه الصور إذا دلّ دليل على حكم في إحداهما كان في الأخرى كذلك ، وإن لم ينصّوا على عدم الفرق لكن لم يكن فيهم من فرّق بينهما فإن علم اتّحاد طريقة الحكم فيهما جرى مجرى النصّ على عدم الفرق.
مثاله : من ورّث العمة ورّث الخالة ، ومن منع إحداهما منع الأخرى ، لاتّحادهما في الطريقة وهي حكم ذوي الأرحام. فهذا لا يسوّغ خلافهم فيه بتفريق ما جمعوا بينهما ، إلّا أنّه متأخّر عن سائر الإجماعات لضعفه.
__________________
(١) ذكر هذا المبحث مع أدلّة النافين والمجوّزين والجواب عنها : الرازي في محصوله : ٢ / ٦٢ ـ ٦٣ ؛ والآمدي في إحكامه : ١ / ٣٢٩ ، المسألة التاسعة عشرة.