في إحداهما بقول ابن عباس ، وفي الأخرى بقول باقي الصحابة.
وقال الثوري : الجماع ناسيا يفطر والأكل ناسيا لا يفطر ، ففرّق بين المسألتين مع اتّحاد الطريقة. (١)
البحث الثالث : في جواز الإجماع بعد الخلاف (٢)
إذا اختلف أهل كلّ عصر في المسألة على قولين فهل يجوز لهم أن يتفقوا بعد استقرار خلافهم على أحد القولين والمنع من الآخر ويكون إجماعا كالمبتدإ؟
اختلفوا فمن اعتبر انقراض العصر في الإجماع قطع بجوازه ؛ ومن لم يعتبره اختلفوا ، فمنهم من جوّزه بشرط أن يكون مستند اتّفاقهم على الخلاف القياس والاجتهاد لا دليل قاطع ، ومنهم من منع من ذلك مطلقا ، وهو قول أبي بكر الصيرفي (٣) ، والحق الجواز.
لنا : إنّ الحق لم يتعيّن في أحد القولين بعينه لعدم الاتّفاق عليه أوّلا ، فجاز العدول عنه إلى الآخر ، لأنّه لا يخرج بذلك عن قول كلّ الأمّة وبعد الاتّفاق تصير إجماعا يحرم مخالفته كالمبتدإ.
__________________
(١) ذكر هذا البحث مع حجج المانعين والجواب عنها الرازي في محصوله : ٢ / ٦٤ ـ ٦٦.
(٢) راجع المحصول : ٢ / ٦٦ ؛ الإحكام : ١ / ٣٣٦ ، المسألة الحادية والعشرون.
(٣) هو محمد بن عبد الله البغدادي الشافعي ، تفقّه على ابن سريج ، له : شرح الرسالة ، وكتاب في الشروط ، وفي أصول الفقه. سمع الحديث من أحمد بن منصور الرمادي ، وروى عنه علي بن محمد الحلبي ، توفّي سنة ٣٣٠ ه. طبقات الشافعية : ٢ / ١٧٠ ؛ شذرات الذهب : ٢ / ٣٢٥ ؛ مرآة الجنان : ٢ / ٢٩٧.