البحث الخامس : في أنّ انقراض العصر هل هو شرط أم لا؟
اختلف الناس في ذلك فذهب الإمامية إلى أنّه ليس بشرط ، وهو مذهب المعتزلة والأشاعرة وأكثر أصحاب الشافعي وأبي حنيفة ، وقال أحمد بن حنبل والأستاذ أبو بكر بن فورك : إنّه شرط ؛ وفصّل بعض الناس فقال : إن كان اتّفاقهم عن قول أو فعل أو عنهما لم يكن شرطا ، وإن كان عن قول بعضهم وسكوت الباقين كان شرطا.
لنا : وجوه :
الأوّل : قوله تعالى : (وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً)(١) وصفهم بالعدالة ، وهي تنافي الإجماع على الخطاء.
وكذا قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «لا تجتمع أمّتي على الخطأ» ، وقوله تعالى : (وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ)(٢) من أدلّة الإجماع.
الثاني : الإجماع إنّما يتحقّق لو دخل المعصوم فيهم وقوله حجة فلا يشترط غيره.
الثالث : لو اعتبر انقراض العصر لم يستقر الإجماع ، لأنّه قد حدث في زمن الصحابة مجتهدون من التابعين فيجوز لهم مخالفتهم لعدم انقراض العصر ، ولا ينعقد إجماع الصحابة مع مخالفة المتجدّدين ، ثمّ الكلام في
__________________
(١) البقرة : ١٤٣.
(٢) النساء : ١١٥.