البحث الثاني : في قول الصحابي إذا لم يعرف له مخالف
اختلفوا فيما إذا قال بعض الصحابة أو بعض أهل الحلّ والعقد في أي عصر كان قولا ولم ينتشر بين أهل عصره لكنّه لم يعرف له مخالف هل يكون إجماعا أم لا؟
الحقّ أنّه ليس كذلك وعليه الأكثر (١) ، لأنّه إنّما يتخيّل كونه إجماعا من أهل العصر إذا علموا بقوله وسكتوا عن الإنكار كما تقدم ؛ فأمّا إذا لم يعلموا به ، امتنع رضاهم به أو سخطهم ، وحينئذ يحتمل أن لا يكون لهم في تلك المسألة قول ، لعدم خطورها ببالهم.
وإن كان لهم فيها قول احتمل أن يكون موافقا للمنقول إلينا ، و [احتمل] أن يكون مخالفا ، فلا يتحقّق الإجماع حينئذ.
البحث الثالث : في استدلال أهل العصر بدليل أو مصيرهم إلى تأويل
إذا استدلّ أهل العصر بدليل أو ذكروا تأويلا ثمّ استدلّ أهل العصر الثاني بدليل آخر أو ذكروا تأويلا آخر ، فقد اتّفقوا على أنّه لا يجوز إبطال التأويل المتقدّم ، وإلّا لكانوا قد أجمعوا على الخطاء ، وهو باطل.
__________________
(١) وهو الّذي اختاره الرازي في محصوله : ٢ / ٧٦ ، المسألة الثانية ؛ والآمدي في الإحكام : ١ / ٣١٥ ، المسألة الخامسة عشرة.