البحث الثالث : في قول العامي
ذهب الأكثر إلى أنّه لا اعتبار بقول العامّي في الإجماع ، وقال القاضي أبو بكر : لا ينعقد الإجماع مع خلافه.
لنا وجوه :
الأوّل : قول العامّي : لا عن دليل ولا أمارة قول في الدين ، فيكون خطأ ، فلو كان قول العالم المخالف له خطأ لزم اجتماع الكلّ على الخطأ وإن تعدّدت الجهة.
الثاني : العصمة من الخطأ لا تتصور إلّا في حقّ من يتصور في حقّه الإصابة ، والعامّي لا يتصوّر في حقّه ذلك ، لأنّ القول في الدين بغير دليل غير صواب قطعا.
الثالث : أجمع الصحابة الخاصّة والعامّة على أنّه لا عبرة بقول العوام.
الرابع : العامي ليس من أهل الاجتهاد فلا عبرة بقوله ، كالصبي والمجنون ، لأنّ الأمّة إنّما كان قولها حجّة إذا استند إلى استدلال. (١)
الخامس : العامّي يلزمه تقليد العلماء بالإجماع ، فلا تكون مخالفته معتبرة فيما يجب عليه التقليد فيه.
السادس : قول العامّي في الدين من غير دليل خطأ مقطوع به ، والمقطوع بخطائه لا تأثير لموافقته ولا لمخالفته.
__________________
(١) وهي الوجوه الّتي ذكرها الرازي في محصوله : ٢ / ٩٢.