البحث السادس : في عدم اشتراط كون المجمعين من الصحابة
ذهب المحقّقون إلى أنّ الإجماع لا يختصّ بالصحابة ، بل لو فرض في كلّ عصر كان حجّة ، وخالف داود ومتابعوه من الظاهرية وقالوا : إنّ إجماع التابعين ومن بعدهم ليس بحجّة وإنّما الحجّة إجماع الصحابة خاصة.
لنا : أدلّة الإجماع وهي : الكتاب والسنّة والمعقول تتناول أهل كلّ عصر ، لأنّ قولهم سبيل المؤمنين فيجب اتّباعه ، ولأنّهم أمّة محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم فيدخل تحت قوله : «لا تجتمع أمّتي على خطاء» [وقوله تعالى :] (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ ،) ولأنّ العادة تحيل اجتماع الخلق العظيم على الكذب ، ولأنّ المعصوم موجود في كلّ عصر.
احتجّ [المخالف] بأمور تسعة :
الأوّل : أدلّة الإجماع إنّما تتناول الصحابة ، لأنّ قوله : (جَعَلْناكُمْ ، كُنْتُمْ) خطاب مواجهة فلا يتناول إلّا الحاضرين. وكذا قوله : (وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ ،) لأنّ من سيوجد (١) بعد [ذلك] لا يصدق عليه في الحال أنّه مؤمن ، فلا تتناول الآية إلّا من كان مؤمنا حال نزولها ، فلا يجوز القطع بأنّ إجماع غيرهم حجّة لعدم الدّليل عليه.
الثاني : إجماع التابعين إن كان لقياس فهو باطل ، لأنّه ليس حجّة عند
__________________
(١) في «أ» : يوجد.