البحث السادس : في جواز اشتراك الأمّة في عدم العلم بما لم يكلّفوا به
اختلف الناس في ذلك ، فالأكثر على جوازه ، (١) لأنّ عدم العلم بذلك الشيء إذا كان صوابا لم يلزم من اجتماعهم عليه محذور.
احتجّوا بأنّهم لو اجتمعوا على عدم العلم بذلك الشيء لكان عدم العلم به سبيلا لهم ، فكان يجب اتّباعهم فيه حتى يحرم تحصيل العلم به.
ومن هذا الباب إمكان وجود خبر أو دليل ولا معارض له وتشترك الأمّة في عدم العلم به ، والخلاف ما تقدّم ، والوجه جوازه إن كان عملهم موافقا لمقتضاه ، لعدم تكليفهم بمعرفة ما لم يبلغهم ولم يظهر لهم ، وقوله : (وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ) لا يتناول ذلك ، لأنّ المفهوم من السّبيل الفعل المقصود المعصوم ، وعدم العلم ليس مقصودا فلا يكون سبيلا ، فيجوز اتّفاقهم فيه وان يخالفهم في طلبه ، كيف؟ والشرع لا يحثّ على الجهل بأدلّته الشرعية.
أمّا لو عملوا على خلافه فإنّه محال ، لما فيه من إجماع الأمّة على الخطأ.
__________________
(١) وهو مذهب الرازي في المحصول : ٢ / ٩٨ ، المسألة الخامسة ؛ والآمدي في الإحكام : ١ / ٣٤١ ، المسألة ٢٣.