الثاني لا حقيقة ولا مجازا لعدم الثاني عندهم ، والبحث في ذلك موكول إلى علم الكلام.
البحث الثاني : في أنّه هل يحدّ أم لا؟
اختلف الناس في ذلك ، فذهب قوم إلى أنّه لا يحدّ لأنّه ضروري ، وقال آخرون : إنّه يحدّ وإنّه معلوم بالاكتساب.
احتجّ الأوّلون بوجهين :
الأوّل : كلّ عاقل يعلم بالضرورة معنى قولنا : أنا موجود ، أنا لست بمعدوم ، وانّ الشيء الواحد لا يوصف بالوجود والعدم ، ومطلق الخبر جزء من هذا الخبر الخاص ، والعلم بالكلّ موقوف على العلم بالخبر ، فلو كان تصوّر ماهية مطلق الخبر موقوفا على الاكتساب كان تصوّر الخبر الخاص موقوفا عليه ولم يكن ضروريا ، هذا خلف.
الثاني : كلّ عاقل يعلم بالضّرورة الموضع الذي يحسن فيه الخبر وتميّزه عن الموضع الذي يحسن فيه الآخر ، ولو لا أنّ هذه الحقائق متصوّرة بالبديهة لم يكن الأمر كذلك.
لا يقال : الخبر نوع من الألفاظ وأنواع الألفاظ ليست بديهيّة التصوّر ، فكيف يكون تصوّر ماهية الخبر بديهيا؟
لأنّا نقول : حكم الذهن بين أمرين بأنّ أحدهما هو الآخر أو له الآخر أو ليس كذلك معقول واحد لا يختلف باختلاف الزمان والمكان ، ويدركه