البحث السادس : في أقسامه
اعلم أنّ الخبر ينقسم ثلاثة أنواع :
الأوّل : انقسامه إلى الصدق والكذب.
الثاني : إلى التواتر والآحاد.
الثالث : إلى ما يعلم صدقه ، وما يعلم كذبه ، وما يجهل فيه الأمران.
وهذه متداخلة.
وقد أطبق المحقّقون كافّة على أنّ القسمة إلى الصدق والكذب حاصرة وأنّه لا ثالث لهما ، لأنّ الخبر إمّا مطابق للمخبر عنه أو لا.
والأوّل الصدق والثاني الكذب. وأثبت الجاحظ (١) واسطة بينهما ، لقوله تعالى : (أَفْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً أَمْ بِهِ جِنَّةٌ)(٢) ، حصروا دعوى النبوة في الكذب والجنّة ، وليس إخباره بالنبوة حالة الجنون كذبا ، لأنّهم جعلوها في مقابلة الكذب ؛ ولا صدقا لأنّهم لم يعتقدوا صدقه ، فتثبت الواسطة وهي حالة الجنّة بين الصدق والكذب.
__________________
(١) هو عمرو بن بحر بن محبوب الكناني بالولاء الليثي ، أبو عثمان الشهير بالجاحظ (١٦٣ ـ ٢٥٥ ه) كبير أئمة الأدب ورئيس الفرقة الجاحظية من المعتزلة ، مولده ووفاته في البصرة ، فلج في آخر عمره وكان مشوّه الخلقة ، ومات والكتاب على صدره ، قتلته مجلدات من الكتب وقعت عليه ، له تصانيف كثيرة ، منها : الحيوان ، البيان والتبيين ، سحر البيان ، البخلاء ، وغيرها. الاعلام : ٥ / ٧٤.
(٢) سبأ : ٨.