البحث السادس : في كيفية العلم عقيب التواتر
اتّفقت الأشاعرة والمعتزلة وجميع الفقهاء على أنّ خبر التواتر لا يولد العلم ، وقال بعض الناس : إنّه يولده.
احتجّ الأوّلون بوجهين :
الأوّل : لو أفاد العلم تولدا فإمّا أن يتولّد عن الاخير خاصة أو عنه وعن جملة الاخبار السابقة عليه.
والأول محال وإلّا لتولد بتقدير انفراده ، وكذا الثاني لأنّها متعدّدة والمسبّب الواحد لا يصدر عن سببين.
واعترض بجواز تولّده عن الأخير بشرط تقدّم ما وصف من الأخبار أو عن الهيئة الاجتماعية.
نعم لو قيل : إنّ جملة الأخبار معدومة فلا يولد ، كان متّجها.
وفيه نظر ، لأنّه وإن كان كلّ خبر معدوما لكن حصل منه في النفس هيئة قابلة للزيادة ، وتلك الهيئة ثابتة في النفس وحصل العلم عند اجتماع تلك الهيئات النفسانية وليست معدومة.
الثاني : قالوا : كلّ ما هو طالب جهة من الجهات فإنّه يجوز أن يتولّد عنه شيء في غير محلّه كالاعتماد والحركة ، وما ليس كذلك لا يتولّد عنه شيء في غير محلّه ، والقول والخبر ليس له جهة فلا يتولد عنه