البحث السابع : في عدم وجود اتّحاد الأعداد
قال أبو الحسين البصري (١) والقاضي أبو بكر : كلّ عدد وقع العلم بخبره في واقعة لشخص لا بد وأن يكون مفيدا للعلم بغير تلك الواقعة لغير ذلك الشخص إذا سمعه. وهذا إنّما يصحّ على إطلاقه لو كان العلم قد حصل بمجرّد ذلك العدد من غير أن يكون للقرائن المحتفّة به مدخل في التأثير ، لكن العلم قد يحصل بالقرائن العائدة إلى أخبار المخبرين وأحوالهم واختلاف السامعين في قوة السماع للخبر والفهم لمدلوله ، ومع فرض التساوي في القرائن قد يفيد آحادها الظنّ ، ويحصل من اجتماعها العلم ، فأمكن حصول العلم بمثل ذلك العدد في بعض الوقائع للمستمع دون البعض ، لما اختص به من القرائن التي لا تحصل لغيره.
ولو سلّم اتّحاد الواقعة وقرائنها لم يلزم من حصول العلم بذلك العدد لبعض الأشخاص حصوله لشخص آخر لتفاوتهما في الفهم للقرائن ، وتفاوت الأشخاص في الادراك والذكاء معلوم بالضرورة. (٢)
__________________
(١) المعتمد في أصول الفقه : ٢ / ٩١.
(٢) راجع هذا البحث في الإحكام : ٢ / ٤٢ ، المسألة ٥.