ولو كان قد فعل بعض ما أمر به لقال : «قد صدّقت بعض الرؤيا».
لا يقال : قوله تعالى : (إِنِّي أَرى فِي الْمَنامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ ما ذا تَرى قالَ يا أَبَتِ افْعَلْ ما تُؤْمَرُ)(١) لا بدّ وأن يعود إلى شيء ، والمذكور الذبح ، فوجب صرفه إليه ، فكان مأمورا به.
ولأنّ قوله تعالى : (إِنَّ هذا لَهُوَ الْبَلاءُ الْمُبِينُ)(٢) إشارة إلى الذبح ، لعدم وصف مقدّماته بأنّها بلاء مبين.
ولقوله تعالى : (وَفَدَيْناهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ)(٣) ، ولو لا الأمر بالذّبح لما احتاج إلى الفداء.
لأنّا نقول : الرؤيا لا تدلّ على كونه مأمورا بذلك.
وقوله : (افْعَلْ ما تُؤْمَرُ) يفيد [الأمر] في المستقبل ، فلا ينصرف إلى ما مضى من رؤياه في المنام.
وإضجاع الابن ، وأخذ المدية مع غلبة الظنّ بأنّه مأمور بالذبح بلاء عظيم.
والفداء كان لما يتوقّعه من الذبح.
الثاني : يمنع أنّه نسخ عنه ، لما روي أنّه كان كلّما قطع موضعا من الحلق ، وتعدّى إلى غيره أوصل الله تعالى ما تقدّم قطعه.
__________________
(١) الصافات : ١٠٢.
(٢) الصافات : ١٠٦.
(٣) الصافات : ١٠٧.