ويمنع اشتراط بطلان الحياة في حقيقة الذبح ، بل هو قطع في مكان مخصوص مطلقا ، فإنّه يقال : ذبح هذا الحيوان ولم يمت بعد.
وأيضا ، روي أنّ الله تعالى جعل على عنقه صفيحة من حديد ، فكان إذا أمرّ إبراهيم عليهالسلام السّكّين لم يقطع شيئا من الحلق.
ولا يتمشّى على قواعد المعتزلة أنّه تكليف ما لا يطاق ، إلّا إذا كان مأمورا بالإضجاع وإمرار السكّين على الحلق لا بالذّبح ، فهو يرجع إلى الأوّل.
الثالث : قيل : إنّه منام لا أصل له ، فلا يثبت به الأمر. (١)
وهو خطأ ، فإنّ منام الأنبياء وحي معمول به ، وأكثر وحي الأنبياء كان بالمنام ، وقد نقل أنّ وحي النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم كان بالمنام ستّة أشهر ، ولهذا قال صلىاللهعليهوآلهوسلم : «الرؤيا الصالحة جزء من ستّة وأربعين جزءا من النبوّة» (٢) ، وكانت نسبة ستّة أشهر من ثلاث وعشرين سنة من نبوّته كذلك.
وقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : «ما احتلم نبيّ قطّ». (٣) يعني ما تشكّل له الشيطان في المنام على الوجه الّذي يتشكّل لأهل الاحتلام.
ولأنّه لو كان خيالا لا وحيا ، لم يجر لإبراهيم عليهالسلام العزم على الذبح المحرّم بمجرّد منام لا أصل له ، ولما سمّاه بلاء مبينا ، ولما احتاج إلى الفداء.
__________________
(١) لاحظ الإحكام : ٣ / ٨٧.
(٢) مجمع الزوائد : ٧ / ١٧٢ ، كتاب التعبير ، باب الرؤيا الصالحة ؛ مسند أحمد بن حنبل : ٢ / ٣١٤.
(٣) المعجم الكبير للطبراني : ١١ / ١٨٠ برقم ١١٥٦٤ ؛ مجمع الزوائد : ١ / ٢٦٧ ، باب الاحتلام.