الرابع : لا نسلّم أنّه نسخ الذبح قبل التمكّن من الامتثال ، بل كان بعده ، والخلاف إنّما هو فيما قبل التمكّن لا بعده ، ولا سبيل إلى بيان أنّه نسخ قبل التمكّن من الامتثال إلّا بعد بيان أنّ مطلق الأمر يقتضي الوجوب على الفور ، أو أنّ وقت الأمر كان مضيّقا و (١) امتناع الصغائر على الأنبياء. (٢)
واعترض : بأنّ ذلك لا يمنع رفع تعلّق الوجوب بالمستقبل ، لأنّ الأمر باق عليه ، وهو المانع عندهم ، ولأنّه لو كان موسّعا ، لقضت العادة بتأخّره ، رجاء نسخه ، أو موته لكبر سنّه ، وعظم هذا الأمر.
وفيه نظر ، لأنّ الأنبياء عليهمالسلام أسرع امتثالا من غيرهم إلى الأوامر ، والأمر وإن كان موسّعا ، إلّا أنّ تقديمه أولى ، ومنزلة النبوّة تمنع من الإخلال بالأولويّة (ويمنع كون المانع تعلّق الأمر مطلقا ، وإلّا امتنع النّسخ عند القائلين بالرّفع). (٣)
وعن الثاني بوجوه :
الأوّل : أنّها تدلّ على محو كلّ ما يشاء ، وليس فيها ما يدلّ على أنّه يشاء محو العبادة قبل دخول وقتها ، مع كونه ممتنعا ، فإن بيّن إمكان مشيئة ذلك بغير الآية ، ففيه ترك الاستدلال بالآية.
الثاني : حقيقة المحو هي محو الكتابة ، والمراد به محو ما يكتبه
__________________
(١) أي مع امتناع الصغائر.
(٢) الاستدلال للآمدي في الإحكام : ٣ / ٨٨.
(٣) ما بين القوسين يوجد في «ج».