البحث الثاني : في عدم تكذيب الأصل
ذهب أكثر الحنفية إلى أنّ راوي الأصل إذا لم يقبل الحديث قدح ذلك في رواية الفرع ، سواء جزم بالتكذيب أو قال : لا أدري وهو رواية عن أحمد.
والوجه أن يقول : الفرع إن كان جازما بالرواية وكان الأصل بفسادها لم يقبل ، لأنّ قبول الفرع لا يمكن إلّا بالقدح في الأصل وهو قدح في الحديث ، ولأنّ أحدهما كاذب ولا يقدح في عدالتهما. وإن لم يجزم بالفساد قبلت الرواية ، سواء قال الأصل : تغلب على ظنّي أنّي رويته ، أو الأغلب على ظني أنّني ما رويته ، أو شك في الأمرين على السواء ، أو لا يقول شيئا من ذلك عملا بالمقتضي ، وهو رواية الفرع العدل السالم عن معارضة تكذيب الأصل فأشبه موت الأصل وحياته.
ولأنّ ربيعة بن أبي عبد الرحمن (١) روى عن سهيل بن أبي صالح (٢) ، عن أبيه ، عن أبي هريرة أنّه قضى باليمين مع الشاهد ، ثم نسيه سهيل فقال
__________________
(١) هو أبو عثمان ربيعة بن أبي عبد الرحمن الرأي ، واسم أبي عبد الرحمن : فروخ ، مولى التيميين تيم قريش ، مفتي المدينة ، المعروف بربيعة الرأي ، روى عن أنس والسائب بن يزيد ، وروى عنه سفيان وشعبة ومالك وسهيل. الجرح والتعديل : ٣ / ٤٧٥ برقم ٢١٣١ ؛ سير أعلام النبلاء : ٦ / ٨٩ برقم ٢٣.
(٢) سهيل بن أبي صالح ، واسمه ذكوان السمان ، أبو يزيد المدني ، مولى جويرية بنت الأحمس امرأة من غطفان ، روى عن أبيه والحارث بن مخلد الأنصاري الزرقي وحبيب بن حسان وغيرهم ، وروى عنه ربيعة بن أبي عبد الرحمن وإبراهيم بن محمد الفزاري ، وإسماعيل بن جعفر وغيرهم. تهذيب الكمال : ١٢ / ٢٢٤ برقم ٢٦٢٩.