وهذه الروايات تدلّ على أنّهم كانوا يقبلون المراسيل.
الثالث : لو لم يقبل المرسل لم يقبل ما يجوز كونه مرسلا فكان إذا قال الراوي : عن فلان لم يقبل حتى يسأل هل رواه له أحد عنه أو لا؟ فكانت تسقط الأحاديث المتعينة مع عدم التنصيص.
الرابع : الثقة إذا قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم كذا ، وأظهر الجزم به كان الظاهر أنّه لا يستجيز ذلك إلّا وهو عالم أو ظان أنّ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم قاله ، لأنّه لو ظن أو شكّ أنّ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم لم يقله لم يحل له النقل الجازم لما فيه من التدليس على السامعين ، وذلك يستلزم تعديل من روى عنه وإلّا لما كان عالما ولا ظانا بصدقه في خبره.
والجواب عن الأوّل. أنّ العمومات خصّت في الشهادة ، فكذا في الرواية ، والجامع الاحتياط.
وعن الثاني. نمنع الإجماع ، وقول البعض ليس حجّة ؛ وعدم الإنكار إنّما كان ، لأنّ المسألة اجتهادية ، ولأنّ الصحابي الّذي رأى النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم إذا قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم كان الظاهر منه الإسناد ، فوجب على السامع قبوله. ثمّ إذا بيّن الصحابي أنّه كان مرسلا ثمّ بيّن إسناده وجب قبوله أيضا ، وليس قبوله في أحد الحالتين دليلا على العمل بالمرسل.
وعن الثالث. أنّ المقتضي للعمل بالخبر إنّما هو الظن ، فإذا قال الراوي : قال فلان عن فلان مع طول صحبته كان أمارة على أنّه سمعه منه ، ومتى لم يعلم صحبته لم يقبل حديثه.