المبحث الرّابع : في جواز نسخ التلاوة دون الحكم وبالعكس
ذهب أكثر العلماء إلى ذلك ، ونقل عن شاذّ من المعتزلة المنع.
لنا : العقل والنقل ، أمّا العقل فلأنّ التلاوة حكم شرعيّ يثاب المكلّف عليه ، قال صلىاللهعليهوآلهوسلم : «من قرأ القرآن وأعربه ، فله بكلّ حرف منه عشر حسنات». (١)
والحكم أيضا شرعيّ وقد بيّنا إمكان اختلاف الأوقات في نسبة المصلحة لعبادة معيّنة إليها ، فتكون العبادة مصلحة في وقت ومفسدة في آخر ، ولهذا جوّزنا النسخ ، فجاز في هاتين العبادتين أن تكونا مصلحتين في وقت ومفسدتين في آخر ، وأن تكون إحداهما مصلحة في وقت والأخرى مفسدة في بعض الأوقات دون بعض ، أو أن تكون إحداهما مصلحة في وقت والأخرى في آخر ، فلا استبعاد حينئذ في نسخهما معا ، ونسخ إحداهما كغيرهما من العبادات.
وأمّا النقل فما ورد من نسخ التلاوة خاصّة فيما روي من قوله : الشيخ والشيخة إن زنيا فارجموهما البتّة نكالا من الله. (٢)
__________________
(١) لم نعثر عليه في الجوامع الحديثيّة بعينه ، نعم نقله الآمدي في الإحكام : ٣ / ٩٦ ؛ ولاحظ كنز العمال : ١ / ٥٣٢ برقم ٢٣٨٩ ـ ٢٣٩٠.
(٢) سنن الترمذي : ٤ / ٣٨ برقم ١٤٣١ ؛ وسنن البيهقي : ٨ / ٢١١ ؛ ومسند أحمد بن حنبل : ٥ / ١٣٢.
أقول : إنّ نسخ التلاوة دون الحكم مردود عند الإماميّة والمصنّف أعرف بمذهبهم ، وإنّما ذكره في ـ