وعتق جميع السودان إن كان مباشرة بأن يقول : اعتقت غانما لسواده فقيسوا عليه ، لم يقع ، لعدم العبارة الّتي جعلها الشارع مناطا للعتق ، وإن كان توكيلا بأن يقول لوكيله : اعتق غانما لسواده وقس عليه سائر العبيد كان للوكيل عتق الجميع ، والطاعة والأمر لا يثبتان بالاحتمال ، ونحن لا ندّعي أنّ كلّ فرع يشبه أصلين ، بل أكثر الفروع يشبه أصولا متعدّدة ، ولا أولوية للبعض والنصوص والأدلّة العقلية من أصالة البراءة والعدم والاستصحاب وغيرها وافية بجميع الأحكام.
البحث الثالث : في شبه القائلين بالقياس والردّ عليها
اعلم أنّ الناس طوّلوا في هذا الباب واستدلّوا بالكتاب والسنّة والإجماع والمعقول ، ونحن نبيّن قصور أدلّتهم إن شاء الله تعالى.
الأوّل (١) : قوله تعالى : (فَاعْتَبِرُوا يا أُولِي الْأَبْصارِ)(٢) أمر بالاعتبار ، وهو مأخوذ من العبور وهو المرور ، يقال : عبرت النهر ، والمعبر : السفينة الّتي هي أداة العبور والموضع الّذي يعبر عليه ، والعبرة : الدمعة الّتي عبرت من الجفن ، وعبّرت الرؤيا وعبّرتها : أي جاوزتها إلى ملازمها.
فثبت بهذه الاستعمالات أنّ الاعتبار حقيقة في المجاوزة ، فلا يكون حقيقة في غيرها دفعا للاشتراك.
__________________
(١) وهو قول الرازي في المحصول : ٢ / ٢٤٧.
(٢) الحشر : ٢.