البحث السادس : في التناسب بين حكم الأصل والفرع
ثبوت الحكم في الأصل إن كان يقينيا استحال أن يكون الحكم في الفرع أقوى منه ، لأنّه ليس فوق اليقين درجة ؛ وإن لم يكن فثبوته في الفرع قد يكون أقوى من ثبوته في الأصل ، كقياس تحريم الضرب على تحريم التأفيف فإنّ تحريم الضرب وهو الفرع أقوى ثبوتا من تحريم التأفيف الّذي هو الأصل.
وفيه نظر ، فإنّ تحريم التأفيف يقيني ، فهو من قبيل الأول. نعم أنّ الحكم في الفرع أولى وهو مغاير للأقوى ، فلا يعدّ الثاني قسما (١) للأوّل ؛ وقد يكون مساويا ، كقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «لا يبولنّ أحدكم في الماء الراكد» (٢) فإنّه يقاس عليه البول في الكوز وصبّه في الراكد ، ولا تفاوت بين الحكم في الأصل والفرع ، وهذا يسمّى بالقياس في معنى الأصل ؛ وقد يكون دونه ، وذلك كجميع الأقيسة الّتي تمسّك بها الفقهاء في مناظراتهم وبحسب مراتب الظنون يحصل مراتب التفاوت ، وهي غير محصورة لعدم انحصار مراتب الظن.
__________________
(١) في «ب» : قسيما.
(٢) صحيح مسلم : ١ / ١٦٢ ، باب النهي عن البول في الماء الراكد ؛ سنن ابن ماجة : ١ / ١٢٤ ، باب النهي عن البول في الماء الراكد ؛ مسند أحمد : ٢ / ٢٢٨ و ٥٣٢ وج ٣ / ٣٥٠ ؛ من لا يحضره الفقيه : ٤ / ٤ ؛ أمالي الصدوق : ٥٠٩ ح ١ ، المجلس ٦٦ ؛ مكارم الأخلاق : ٤٢٤ ؛ بحار الأنوار : ٧٣ / ٣٢٩ ح ١ وج ٧٧ / ١٦٩ ح ٦.