بماء أكان ذلك الماء يفسد الصوم» فقال : لا (١) ، فنبّه بهذا على عدم الفساد بالمضمضة والقبلة لعدم حصول الأثر المطلوب منهما.
وفيه نظر ، لأنّ هذا القسم ليس من هذا القبيل ، لأنّ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم إنّما ذكر ذلك بطريق النقض لما توهّمه عمر من كون القبلة مفسدة للصوم لكونها مقدّمة للوقاع المفسد للصوم ، فنقض النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ذلك بالمضمضة فإنّها مقدّمة للشرب المفسد للصوم وليست مفسدة له ، أمّا أن يكون ذلك تنبيها على تعليل عدم الإفساد بكون المضمضة مقدّمة للفساد فلا ، لأنّ كون القبلة والمضمضة مقدّمة لإفساد الصوم ليس فيه ما يتخيّل أن يكون مانعا من الإفطار ، بل غايته أن لا يكون مفطرا فالأشبه بما ذكره النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أن يكون نقضا لا تعليلا ، ولأنّ الأصل أن يكون الجواب طبقا للسؤال لا زائدا عليه ولا ناقصا ، لعدم تعلّق الغرض بالزيادة وإخلال النقض بالمقصود ، وعمر سأل عن كون القبلة مفسدة أم لا ، فالجواب إنّما يكون بما يدلّ على الإفساد أو عدمه ، وكون القبلة علّة لنفي الفساد غير مسئول عنه ، فلا يكون اللفظ الدالّ عليه جوابا مطابقا للسؤال ، بخلاف النقض فإنّه يتحقّق به أنّ القبلة غير مفسدة ، فكان جوابا مطابقا للسؤال.
الخامس : أن يعدل في الجواب إلى ذكر نظير محل السؤال ، كما روي عنه صلىاللهعليهوآلهوسلم أنّه لمّا سألته الجارية الخثعمية وقالت : يا رسول الله إنّ أبي أدركته الوفاة وعليه فريضة الحجّ فإن حججت عنه أينفعه ذلك؟ فقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : «أرأيت لو كان على أبيك دين فقضيته أكان ينفعه ذلك»؟ فقالت : نعم ، قال :
__________________
(١) مسند أحمد : ١ / ٢١ و ٥٢ ؛ السنن الكبرى : ٤ / ٢١٨ ؛ سنن النسائي : ٢ / ١٩٩ برقم ٣٠٤٨.