«فدين الله أحق بالقضاء» (١). فالخثعمية إنّما سألت عن الحجّ والنبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ذكر دين الآدمي والحجّ من حيث هو دين نظير لدين الآدمي ، فذكره لنظير المسئول عنه مع ترتيب الحكم عليه يدلّ على التعليل به ، وإلّا لكان ذكره عبثا.
ويلزم من كون نظير الواقعة علّة للحكم المرتّب عليها أن يكون المسئول عنه أيضا علّة لمثل ذلك الحكم ضرورة المماثلة. ومثل هذا يسمّيه الأصوليون التنبيه على أصل القياس ، فكأنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم نبّه على الأصل ، وعلى علّة حكمه ، وعلى صحّة إلحاق المسئول عنه بواسطة العلّة المومى إليها.
النوع الرابع (٢) :
أن يفرّق الشارع بين شيئين في الحكم بذكر صفة ، فيعلم أنّه لو لم تكن تلك الصفة علّة لم يكن لذكرها معنى. وهو ضربان :
الأوّل : أن لا يكون حكم أحدهما مذكورا في الخطاب ، كقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «القاتل لا يرث» فإنّه قد تقدّم بيان إرث الورثة ، فلمّا قال : «القاتل لا يرث» (٣) وفرّق بينه وبين جميع الورثة بذكر القتل الجائز كونه مؤثّرا في نفي الإرث ،
__________________
(١) تفسير الرازي : ١٠ / ١٥١.
(٢) راجع المحصول : ٢ / ٣١٧ ؛ الإحكام : ٣ / ٢٨٤.
(٣) سنن ابن ماجة : ٢ / ٨٨٣ ، باب القاتل لا يرث ؛ سنن الترمذي : ٣ / ٢٨٨ برقم ٢١٩٢ ؛ السنن الكبرى : ٦ / ٢٢٠ ؛ كنز العمال : ١١ / ١٥ برقم ٣٠٤٢٢.